فصل: قال السمين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا أناخ بدنته وهو ينحرها فقال: ابعثها قيامًا مقيدة؛ سنة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن ابن سابط: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يعقلون من البدنة اليسرى، وينحرونها قائمة على ما هي من قوائمها.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن ابن عمر- رضي الله عنه- أنه كان ينحرها وهي معقولة يدها اليمنى.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن الحسن في البدنة كيف تنحر؟ قال: تعقل يدها اليسرى وينحرها من قبل يدها اليمنى.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد أنه كان يعقل يدها اليسرى إذا أراد أن ينحرها.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عطاء قال: اعقل أي اليدين شئت.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف والضياء في المختارة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه كان يقرأ {فاذكروا اسم الله عليها صوافن}.
وأخرج ابن الأنباري، عن مجاهد في قوله: {صوافن} قال: معقولة على ثلاثة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن الأنباري، عن قتادة قال: كان عبد الله بن مسعود يقرأ [فاذكروا اسم الله عليها صوافن] أي معقولة قيامًا.
وأخرج عبد بن حميد، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: أنه كان يقرأها {صوافن} قال: رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي على ثلاثة قوائم قيامًا معقولة.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه، عن مجاهد قال: من قرأها {صوافن} قال: معقولة. ومن قرأها {صواف} قال: يصف بين يديها. ولفظ عبد بن حميد من قرأها {صواف} فهي قائمة مضمومة يديها. ومن قرأها {صوافن} قيامًا معقولة، ولفظ ابن أبي شيبة الصواف، على أربع، والصوافن على ثلاثة.
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وابن أبي حاتم، عن الحسن أنه كان يقرأها {صواف} قال: خالصة. لله تعالى قال: كانوا يذبحونها لأصنامهم.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن زيد بن أسلم أنه قرأ {فاذكروا اسم الله عليها صوافي} بالياء منتصبة. وقال: خالصة لله من الشرك، لأنهم كانوا يشركون في الجاهلية إذا نحروها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال: سقطت على جنبها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس {فإذا وجبت} قال نحرت.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن مجاهد {فإذا وجبت جنوبها} قال: إذا سقطت إلى الأرض.
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الدلائل، عن عبد الله بن قرط قال: قدم إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- بدنات خمس أو ست، فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ، فلما وجبت جنوبها قال: من شاء اقتطع.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عمر أنه: كان يطعم من بدنه قبل أن يأكل منها ويقول: {فكلوا منها وأطعموا} هما سواء.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن إبراهيم قال: كانوا لا يأكلون من شيء جعلوه لله، ثم رخص لهم أن يأكلوا من الهدي والأضاحي وأشباهه.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن علي قال: لا يؤكل من النذر، ولا من جزاء الصيد، ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن سعيد بن جبير قال: لا يؤكل من النذر، ولا من الكفارة، ولا مما جعل للمساكين.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن معاذ قال: أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن نطعم من الضحايا الجار، والسائل، والمتعفف.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن ابن عمر: أنه كان بمنى فتلا هذه الآية: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} وقال: لغلام معه هذه القانع الذي يقنع بما آتيته.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: القانع المتعفف، والمعتر السائل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، القانع الذي يقنع بما أوتي، والمعتر الذي يعترض.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: القانع الذي يجلس في بيته.
وأخرج الطستي في مسائله، عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قوله: {القانع والمعتر} قال: القانع الذي يقنع بما أُعطي، والمعتر الذي يعتر من الأبواب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
على مكثريهم حق من يعتريهم ** وعند المقلين السماحة والبذل

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه، عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية؟ قال: أما القانع؛ فالقانع بما أرسلت إليه في بيته. والمعتر الذي يعتريك.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس قال: القانع الذي يسأل، والمعتر الذي يعترض لولا يسأل.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، عن سعيد بن جبير قال: القانع السائل الذي يسأل، ثم أنشد قول الشاعر:
لمال المرء يصلح فيبقى ** معاقره أعف من القنوع

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، عن الحسن قال: القانع الذي يقنع اليك بما في يديك، والمعتر الذي يتصدى إليك لتطعمه. ولفظ ابن أبي شيبة، والمعتر الذي يعتريك، يريك نفسه ولا يسألك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، والبيهقي في سننه، عن مجاهد قال: القانع الطامع بما قبلك ولا يسألك، والمعتر الذي يعتريك ولا يسألك.
وأخرج عبد بن حميد، عن سعيد بن جبير قال: القانع الذي يسأل فيعطى في يديه، والمعتر الذي يعتر فيطوف.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير قال: القانع أهل مكة. والمعتر سائر الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة، عن مجاهد قال: القانع السائل، والمعتر معتر البدن.
وأخرج البيهقي في سننه، عن مجاهد قال: البائس الذي يسأل بيده إذا سأل، والقانع الطامع الذي يطمع في ذبيحتك من جيرانك. والمعتر الذي يعتريك بنفسه، ولا يسألك يتعرض لك.
وأخرج عبد بن حميد، عن القاسم بن أبي بزة أنه سئل عن هذه الآية، ما الذي آكل وما الذي أعطي القانع والمعتر؟ قال: اقسمها ثلاثة أجزاء. قيل: ما القانع؟ قال: من كان حولك. قيل: وإن ذبح؟ قال: وإن ذبح. والمعتر: الذي يأتيك ويسألك.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه، عن ابن عباس قال: كان المشركون إذا ذبحوا استقبلوا الكعبة بالدماء، فينضحون بها نحو الكعبة. فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك، فأنزل الله {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن جرير قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها.
فقال: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن أحق أن ننضح. فأنزل الله {لن ينال الله لحومها}.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن جريج قال: النصب ليست بأصنام الصنم يصوّر وينقش، وهذه حجارة تنصب ثلثمائة وستون حجرًا، فكانوا إذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من البيت، وشرحوا اللحم، وجعلوه على الحجارة. فقال المسلمون: يا رسول الله، كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم، فنحن أحق أن نعظمه. فكأن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يكره ما قالوا. فنزلت {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مقاتل بن حيان {لن ينال الله} قال: لن يرفع إلى الله {لحومها ولا دماؤها ولَكِن} نحر البدن من تقوى الله وطاعته. يقول: يرفع إلى الله منكم: الأعمال الصالحة والتقوى.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن إبراهيم {ولَكِن يناله التقوى منكم} قال: ما التمس به وجه الله تعالى.
وأخرج ابن المنذر، عن الضحاك رضي الله عنه {ولَكِن يناله التقوى منكم} يقول: إن كانت من طيب وكنتم طيبين وصل إلى أعمالكم وتقبلتها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن زيد في قوله: {ولتكبروا الله على ما هداكم} قال: على ذبحها في تلك الأيام.
وأخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب، عن الحسن قال: أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد، والبقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة، وأن نظهر التكبير، وعلينا السكينة والوقار، والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

قوله: {والبدن}:
العامَّةُ على نصب {البُدْنَ} على الاشتغال. ورُجِّح النصبُ وإن كان مُحْوِجًا لإِضمارٍ، على الرفع الذي لم يُحْوِجْ إليه، لتقدُّمِ جملةٍ فعليةٍ على جملةِ الاشتغالِ. وقرئ برفعِها على الابتداء، والجملةُ بعدها الخبرُ.
والعامَّةُ أيضًا على تسكينِ الدالِ. وقرأ الحسن وتُرْوى نافعٍ وشيخه أبي جعفر بضمِّها، وهما جمعان لـ: بَدَنَة نحو: ثَمَرةٍ وثُمُرٍ وثُمْرٍ. فالتسكينُ يحتمل أن يكونَ تخفيفًا من المضمومِ، وأَنْ يكونَ أصلًا. وقيل: البُدْنُ والبُدُنُ جمعُ بَدَن، والبَدَنُ جمعٌ لبَدَنَة نحو: خَشَبة وخَشَب، ثم يُجْمع خَشَبًا على خُشُب وخُشْب. وقيل: البُدْنُ اسمٌ مفردٌ لا جمعٌ يَعْنُون اسمَ جنسٍ. وقرأ ابنُ أبي إسحاق {البُدُنَّ} بضم الباء والدال وتشديد النون. وهي تحتمل وجهين، أحدُهما: أنَّه قرأ كالحسن، فوقَفَ على الكلمةِ وضَعَّفَ لامَها كقولهم: هذا فَرُخّْ ثم أجرى الوصلَ مجرى الوقفِ في ذلك. ويُحتمل أَنْ يكونَ اسمًا على فُعُل كـ: عُتُلّ.
وسُمِّيَت البَدَنة بَدَنةً لأنها تُبْدَنُ أي: تُسَمَّنُ. وهنل تختصُّ بالإِبل؟ الجمهورُ على ذلك. قال الزمخشري: والبُدْنُ: جمعُ بَدَنَة سُمِّيَتْ لعِظَمِ بَدَنِها، وهي الإِبِلُ خاصةً؛ لأنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ألحق البقرَ بالإِبل حين قال: «البَدَنَةُ عن سبعةٍ، والبقرة عن سبعة» فجَعَلَ البقرَ في حُكْمِ الإِبلِ، صارَت البَدَنةُ متناوَلَةً في الشريعة للجنسين عند أبي حنيفة وأصحابِه، وإلاَّ فالبُدْنُ هي الإِبلُ وعليه تَدُلُّ الآية. وقيل لا تختصُّ، فقال الليث: البَدَنَةُ بالهاء تقعُ على الناقةِ والبقرة والبعير وما يجوز في الهَدْي والأضاحي، ولا تقعُ على الشاة. وقال عطاءٌ وغيرُه: ما أشعر مِنْ ناقة أو بقرةٍ. وقال آخرون: البُدْنُ يُراد به العظيمُ السِّنِّ من الإِبل والبقر. ويقال للسَّمين من الرجال. وهو اسمُ جنسٍ مفردٍ.
قوله: {مِّن شَعَائِرِ الله} هو المفعولُ الثاني للجَعْل بمعنى التصيير.
قوله: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} الجملةُ حالٌ: إمَا من ها {جَعَلْناها}، وإمَا مِنْ شعائر الله. وهذان مبنيَّان على أن الضميرَ في {فيها} هل هو عائدٌ على {البُدْن} أو على شعائر؟ والأولُ قولُ الجمهورِ.
قوله: {صَوَافَّ} نصبٌ على الحال أي: مُصْطَفَّةً جنبَ بعضِها إلى بعض. وقرأ أبو موسى الأشعري والحسن ومجاهد وزيد بن أسلم {صَوافي} جمعَ صافِيَة أي: خالصةً لوجهِ الله تعالى. وقرأ عمرو بن عبيد كذلك، إلاَّ أنه نَوَّنَ الياءَ فقرأ {صَوافيًّا}. واسْتُشْكِلَتْ من حيث إنه جمعٌ متَناهٍ. وخُرِّجَتْ على وجهين، أحدُهما: ذكره الزمخشري وهو أَنْ يكونَ التنوينُ عِوَضًا من حرفِ الإِطلاقِ عند الوقف. يعني أنه وَقَفَ على {صَوافي} بإشباع فتحةَ الياءِ فَتَوَلَّد منها أَلِفٌ يُسَمَّى حرفَ الإِطلاق، ثم عَوَّضَ عنه هذا التنوينَ، وهو الذي يُسَمِّيه أهلُ النحوِ تنوينَ الترنُّم.
والثاني: أنه جاء على لغةِ مَنْ يَصْرِفُ ما لا يَنْصَرِفُ.
وقرأ الحسنُ {صَوافٍ} بالكسرِ والتنوين. وتوجيهُها: أنه نصبها بفتحة مقدرةٍ، فصار حكمُ هذه الكلمةِ كحكمِها حالةً الرفعِ والجرِّ في حَذْفِ الياءِ وتعويض التنوينِ نحو: هؤلاء جوارٍ، ومررت بجوارٍ. وتقديرُ الفتحةِ في الياءِ كثيرٌ كقولهم: أعْطِ القوسَ بارِيْها وقوله:
كأنَّ أيْدِيهنَّ بالقاعِ القَرِقْ ** أيديْ جوارٍ يتعاطَيْنَ الوَرِق

وقوله:
وكَسَوْتُ عارٍ لَحْمُه

ويدلُّ على ذلك قراءة بعضِهم {صَوافيْ} بياءٍ ساكنةٍ من غيرِ تنوينٍ، نحو: رأيتُ القاضيْ يا فتى بسكون الياء. ويجوز أن يكونَ سكَّن الياءَ في هذه القراءة للوقفِ ثم أَجْرَى الوصلَ مُجْراه.
وقرأ العبادلة ومجاهدٌ والأعمش {صَوافِنْ} بالنون جمعَ {صَافِنَة} وهي التي تقومُ على ثلاثٍ وطرفِ الرابعة، إلاَّ أنَّ ذلك إنما يُسْتَعْمَلُ في الخيلِ كقوله: {الصافنات الجياد} [ص: 31]، وسيأتي، فيكون استعمالُه في الإِبلِ استعارةً.
والوجوبُ: السُّقوطُ. وجَبَتِ الشَمسُ ِأي: سَقَطَتْ. ووجَبَ الجِدَارُ أي: سَقَطَ، ومنه الواجبُ الشرعي كأنه وقع علينا ولَزِمَنا. وقال أوس بن حجر:
ألم تُكْسَفِ الشمسُ شمسُ النَّها ** رِ والبدرُ للجبل الواجبِ

قوله: {القانِعَ والمعتَّر} فيهما أقوالٌ. فالقانِعُ: السائل والمُعْتَرُّ: المعترضُ من غيرِ سؤالٍ. وقال قومٌ بالعكس. وقال ابن عباس: القانِعُ: المستغني بما أعطيتَه، والمعترُّ: المعترضُ من غيرِ سؤالٍ. وعنه أيضًا: القانعُ: المتعفِّفُ، والمعترُّ: السائلُ. وقال بعضُهم: القانِعُ: الراضي بالشيءِ اليسيرِ. مِنْ قَنِعَ يَقْنَعُ قَناعةً فهو قانِعٌ. والقَنِعُ: بغير ألفٍ هو السَّائلُ. ذكره أبو البقاء. وقال الزمخشري: القانِعُ: السَّائلُ. مِنْ قَنِعْتُ وكَنَعْتُ إذا خَضَعْتَ له. وسألتُه قُنُوْعًا. والمُعْتَرُّ: المعترِّضُ بغيرِ سؤالٍ، أو القانِعُ الراضي. بما عندَه، وبما يعطى، من غيرِ سؤالٍ. مِنْ قَنِعْتُ قَنَعًا وقَناعة. والمعترُّ: المتعرض بالسؤال. انتهى. وفرَّق بعضهم بين المعنيين بالمصدر فقال: قَنِعَ يَقْنَع قُنوعًا أي سأل، وقَناعة أي: تعفَّف ببُلْغَته واستغنى بها. وأنشد للشماخ:
لَمالُ المَرْءِ يُصْلِحُه فيُغْني ** مَفاقِرَه أَعَفُّ من القُنوعِ

وقال ابن قتيبة: {المُعْتَرُّ}: المتعرِّضُ من غير سؤال. يُقال: عَرَّه واعتَرَّه وعَراه واعْتراه أي: أتاه طالبًا معروفَه قال:
لَعَمْرُك ما المُعتَرُّ يَغْشى بلادَنا ** لِنَمْنَعَه بالضائعِ المُتَهَضِّمِ

وقوله الآخر:
سَلي الطارِقَ المعترَّ يا أمَّ مالِكٍ ** إذا ما اعْتَراني بينَ قِدْري ومَجْزَري

وقرأ أبو رجاء {القَنِع} دون ألف. وفيها وجهان، أحدهما: أنَّ أصلَها القانِع فَحَذَفَ الألف كما قالوا: مِقْوَل ومِخْيَط وجَنَدِل وعُلَبِط في: مِقْوال ومِخْياط وجَنَادل وعُلابط. والثاني: أن القانِعَ هو الراضي باليسير، والقَنِع: السائلُ، كما تقدَّم تقريره، قال الزمخشري: والقَنِعُ: الراضي لا غير.
وقرأ الحسن: {والمُعْترى} اسمُ فاعلٍ مِنْ اعْتَرى يَعْترى. وقرأ إسماعيل وتروى عن أبي رجاء والحسن أيضًا {والمُعْتَرِ} بكسر الراء اجتزاءً بالكسرة عن لامِ الكلمة.
وقرئ: {المُعْترى} بفتح الياء. قال أبو البقاء: وهو في معناه. أي: في معنى {المعترّ} في قراءة العامَّة.
وقوله: {كذلك سَخَّرْنَاهَا} الكافُ نعتُ مصدرٍ أو حالٌ من ذلك المصدرِ.
{لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)}.
وكذلك قوله: {كذلك سَخَّرَهَا}: و{لِتُكَبِّرُواْ}: متعلق به. {على مَا هدَاكُمْ} متعلق بـ التكبير. عُدِّيَ بـ: {على} لتضمُّنِه معنى الشكر.
قوله: {لَن يَنَالَ الله لُحُومُهَا}: العامَّةُ على القراءة بياءِ الغَيْبة في الفعلين؛ لأنَّ التأنيثَ مجازي وقد وُجد الفصلُ بينهما. وقرئ بالتاء فيهما اعتبارًا باللفظ. وقرأ زيد بن علي {لحومَها ولا دماءَها} بالنصب، والجلالةُ بالرفع، و{لَكِن يُنالُه} بضم الياء، على أن يكونَ القائمَ مقامَ الفاعلِ، {التقوى}، و{منكم} حالٌ من {التقوى}، ويجوز أن يتعلَّقَ بنفسِ {تَنالُه}. اهـ.